الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأليف كتاب ديني والاستفادة من ريعه

السؤال

ما حكم تأليف كتاب إلكتروني في موضوع ديني وبيعه، مع كون النية نشر العلم الشرعي والاستفادة من ثمن البيع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتأليف كتاب في موضوع ديني إن كنت تعني كتابًا مفيدًا يتناول شيئًا من علوم الشريعة الإسلامية، فهو عمل عظيم، تؤجر عليه -إن شاء الله تعالى-.

أما الاستفادة من بيعه؛ فإنها تدخل في بيع كتب العلم، وهي مسألة خلاف بين العلماء، فمنهم من كرهها؛ خوف أن يقل طلب العلم الشرعي.

ففي الشرح الكبير للدردير: (و) كره (تعليم فقه، وفرائض) بأجرة، مخافة أن يقل طلب العلم الشرعي ... (‌كبيع ‌كتبه)، أي: ما ذكر. اهـ.

ومنهم من أباح بيعها، قال اللخمي في التبصرة: فعلى هذا تجوز الإجارة على تعليمه وكتابته، وهو أحسن، ولا أرى أن يختلف اليوم في ذلك أنه جائز؛ لأن حفظ الناس وأفهامهم نقصت. اهـ. وهو ما رجحناه في فتوانا: 50824.

ولعل نيتك هذه تدخل في الجمع بين الأجر الدنيوي والأجر الأخروي، وذلك جائز. ومما يدل على جوازه: قوله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه وقد جاءه يسأله مهر زوجته، فقال: ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بَعْثٍ تصيب منه، قال: فبعث بعثًا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم. رواه مسلم.

فقد وعده النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا حضرت غزوة، سوف يبعثه فيها، لعله يحصل له من غنائمها، ما يستعين به على مهره.

وهذا جمع ظاهر بين نية الجهاد لنشر التوحيد، ولتكون كلمة الله هي العليا، والخروج في ذلك البعث لتحصيل الرزق.

جاء في الحديث عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -عام حنين-: من قتل قتيلًا له عليه بيّنة، فله سلَبه. رواه البخاري ومسلم. والسلب هو ما على المقاتل من ثياب وسلاح، ونحو ذلك.

قال القرافي في الفروق: (الفرق الثاني والعشرون والمائة بين قاعدة الرياء في العبادات، وبين قاعدة التشريك في العبادات): وأما مطلق التشريك كمن جاهد ليحصل طاعة الله بالجهاد، وليحصل المال من الغنيمة، فهذا لا يضره. اهـ.

ولا شك أن عدم بيعه أكثر أجرًا. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من غازية تغزو في سبيل الله، فيصيبون الغنيمة، إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم. رواه مسلم.

وقال القرافي في الفروق: نعم، لا يمنع أن هذه الأغراض المخالطة للعبادة قد تنقص الأجر، وأن العبادة إذا تجردت عنها زاد الأجر، وعظم الثواب. اهـ.

وانظر لمزيد من الفائدة الفتويين: 312220، 317557.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني