( باب ما جاء في  مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم      )  
المشية بالكسر ما يعتاده الشخص من المشي على ما هو وضع الفعلة بالكسر ، ذكره  الجاربردي     .  
( حدثنا   قتيبة بن سعيد  أخبرنا   ابن لهيعة     ) بفتح اللام فكسر الهاء  ابن   [ ص: 217 ] عقبة الحضرمي  صدوق ، ذكره  ميرك  ، وقال  العصام     : خلط بعد احتراق كتبه ، كذا في التقريب ، وجزم  النووي  بضعفه في التهذيب ( عن  أبي يونس  عن   أبي هريرة  قال : ما رأيت ) أي أبصرت أو علمت ، وهو أبلغ ( شيئا ) تنوينه للتنكير ( أحسن ) صفة شيئا على الأول ، ومفعول ثان على الثاني ( من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) المراد منه نفي كون شيء أحسن منه صلى الله عليه وسلم ، والمعنى أنه أحسن مما عداه ، وهو المفهوم عرفا كما سبق ( كأن الشمس ) استئناف بيان أو تعليل ، أي كان شعاعها أو جرمها خلافا لمن نازع في الثاني ، مع أنه أبلغ ( تجري في وجهه ) شبه جريان الشمس في فلكها بجريان الحسن ونوره في وجهه صلى الله عليه وسلم ، وعكس التشبيه مبالغة ، ويحتمل أن يكون من تناهي التشبيه ، بجعل وجهه مقرا ومكانا للشمس ، ويؤيده ما أخرجه   الطبراني   والدارمي  من حديث   الربيع بنت معوذ بن عفراء  ،  لو رأيته لرأيت الشمس طالعة  ، وفي حديث   ابن عباس  قال :  لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظل ، ولم يقم مع شمس قط إلا غلب ضوءه ضوء الشمس ، ولم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوءه ضوء السراج  ، ذكره   ابن الجوزي  ، والقصد من هذا إقامة البرهان على أحسنيته ، وإنما خص الوجه بذلك ; لأنه الذي به يظهر المحاسن ; لأن حسن البدن تابع لحسنه غالبا ، ( وما رأيت أحدا أسرع في مشيته ) بالكسر للهيئة ، وفي نسخة بلفظ المصدر ، وهو بفتح الميم بلا تاء ، أي في كيفية مشيه ( من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض ) بالرفع ( تطوى ) أي تجمع وتجعل مطوية ( له ) أي تحت قدميه ( إنا ) بكسر الهمزة استئناف مبين ، وفي نسخة وإنا ( لنجهد ) قال  الجزري     : بضم النون وكسر الهاء ، ويجوز فتحهما انتهى . فما وقع  لابن حجر  وغيره من قولهم بفتح أوله وضمه غير مطابق للرواية ، وإن كان موافقا للدراية ، يقال : أجهد دابته وجهدها إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها ، حتى وقعت في المشقة فالمعنى إنا نتعب ( أنفسنا ) ونوقعها في الجهد والمشقة في حال سيره صلى الله عليه وسلم ( وإنه لغير مكترث ) أي غير مبال بجهدنا ، والجملة حال من فاعل نجهد أو مفعوله ، والمعنى أن سرعة مشيه كانت على غاية من الهون ، والتأني بالنسبة إليه ، ولم يكن بسرعة فاحشة تذهب بهاءه ووقاره ، فلا ينافي قوله تعالى :  وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا   وقوله تعالى :  واقصد في مشيك   والحاصل أن سرعته في مشيته ، كانت من كمال القوة لا من      [ ص: 218 ] حيث الجهد والمشقة والعجلة ، ولعل الوجه في المناسبة بين اقتران الجملتين ، أن حسن وجهه صلى الله عليه وسلم كان مستمرا لم يتغير في حال دون حال ، بخلاف غيره .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					