[ ص: 276 ]   607 
ثم دخلت سنة سبع وستمائة 
ذكر عصيان  سنجر  مملوك الخليفة بخوزستان  ومسير العساكر إليه  
كان  قطب الدين سنجر  ، مملوك الخليفة  الناصر لدين الله  ، قد ولاه الخليفة خوزستان  بعد طاشتكين  أمير الحاج كما ذكرناه ، فلما كان سنة ست وستمائة بدا منه تغير عن الطاعة فروسل في القدوم إلى بغداد  ، فغالط ولم يحضر ، وكان يظهر الطاعة ويبطن التغلب على البلاد ، فبقي الأمر كذلك إلى ربيع الأول من هذه السنة ، فتقدم الخليفة إلى  مؤيد الدين  ، نائب الوزارة ، وإلى  عز الدين بن نجاح الشرابي  ، خاص الخليفة ، بالمسير بالعساكر إليه بخوزستان  وإخراجه عنها ، فسارا في عساكر كثيرة إلى خوزستان  ، فلما تحقق  سنجر  قصدهم إليه ، فارق البلاد ، ولحق بصاحب شيراز ، وهو أتابك عز الدين  سعد بن دكلا  ملتجئا إليه ، فأكرمه وقام دونه . 
ووصل عسكر الخليفة إلى خوزستان  في ربيع الآخر بغير ممانعة ، فلما استقروا في البلاد راسلوا  سنجر  يدعونه إلى الطاعة ، فلم يجب إلى ذلك ، فساروا إلى أرجان  عازمين على قصد صاحب شيراز  ، فأدركهم الشتاء ، فأقاموا شهورا والرسل مترددة بينهم وبين صاحب شيراز  ، فلم يجبهم إلى تسليمه ، فلما دخل شوال رحلوا يريدون شيراز  ، فحينئذ أرسل صاحبها إلى الوزير والشرابي يشفع فيه ، ويطلب العهد له على أن لا يؤذى ، فأجيب إلى ذلك ، وسلمه إليهم هو وماله وأهله ، فعادوا إلى بغداد  وسنجر  معهم تحت الاستظهار ، وولى الخليفة بلاد خوزستان  مملوكه ياقوتا أمير الحاج . 
 [ ص: 277 ] ووصل الوزير إلى بغداد  في المحرم سنة ثمان وستمائة هو والشرابي والعساكر ، وخرج أهل بغداد  إلى تلقيهم ، فدخلوها  وسنجر  معهم راكبا على بغل بإكاف ، وفي رجله سلسلتان ، في يد كل جندي سلسلة ، وبقي محبوسا إلى أن دخل صفر ، فجمع الخلق الكثير من الأمراء والأعيان إلى دار مؤيد الدين نائب الوزارة ، فأحضر  سنجر  وقرر بأمور نسبت إليه منكرة ، فأقر بها ، فقال مؤيد الدين للناس : قد عرفتم ما تقتضيه السياسة من عقوبة هذا الرجل ، وقد عفا أمير المؤمنين عنه ، وأمر بالخلع عليه ، فلبسها وعاد إلى داره ، فعجب الناس من ذلك . 
وقيل إن أتابك  سعدا  نهب مال  سنجر  وخزانته ودوابه ، وكل ما له ولأصحابه ، وسيرهم ، فلما وصل  سنجر  إلى الوزير الشرابي طلبوا المال ، فأرسل شيئا يسيرا ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					