( 5277 ) ; قال : وإذا قال : قد جعلت عتق أمتي صداقها . بحضرة شاهدين ، فقد ثبت العتق والنكاح . وإذا قال : أشهد أني قد أعتقتها ، وجعلت عتقها صداقها . كان العتق والنكاح أيضا ثابتين ، سواء تقدم العتق أو تأخر ، إذا لم يكن بينهما فصل ، فإن طلقها قبل الدخول ، رجع عليها بنصف قيمتها . في هذه المسألة خمسة فصول : ( 5278 ) الفصل الأول : أن ظاهر المذهب أن الرجل إذا أعتق أمته ، وجعل عتقها صداقها ،  فهو نكاح صحيح نص عليه  أحمد  في رواية الجماعة . وروي ذلك عن  علي  رضي الله عنه وفعله  أنس بن مالك  وبه قال  سعيد بن المسيب   [ ص: 57 ]  وأبو سلمة بن عبد الرحمن  ، والحسن  ، والزهري  وإسحاق    . 
وقال الأوزاعي    : يلزمها أن تتزوجه . وروى المروذي  عن  أحمد    : إذا أعتق أمته ، وجعل عتقها صداقها ، يوكل رجلا يزوجه . وظاهر هذا أنه لم يحكم بصحة النكاح . 
قال  أبو الخطاب  هي الصحيحة . واختارها  القاضي  ،  وابن عقيل    . وهو قول  أبي حنيفة  ،  ومالك  ،  والشافعي    ; لأنه لم يوجد إيجاب وقبول ، فلم يصح لعدم أركانه ، كما لو قال : أعتقتك . وسكت ; ولأنها بالعتق تملك نفسها ، فيجب أن يعتبر رضاها ، كما لو فصل بينهما ; ولأن العتق يزيل ملكه عن الاستمتاع بحق الملك ، فلا يجوز أن يستبيح الوطء بالمسمى ، فإنه لو قال : بعتك هذه الأمة ، على أن تزوجنيها بالثمن . لم يصح 
ولنا ما روى  أنس  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أعتق صفية  ، وجعل عتقها صداقها .   } متفق عليه . وفي لفظ : أعتقها وتزوجها . فقلت : يا  أبا حمزة  ، ما أصدقها ؟ قال : نفسها . وروى  الأثرم  ، بإسناده عن صفية .  قالت : { أعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل عتقي صداقي .   } وبإسناده عن  علي  رضي الله عنه أنه كان يقول : إذا أعتق الرجل أم ولده ، فجعل عتقها صداقها ، فلا بأس بذلك . ومتى ثبت العتق صداقا ، ثبت النكاح ; لأن الصداق لا يتقدم النكاح ، ولو تأخر العتق عن النكاح لم يجز ، فدل على أنه انعقد بهذا اللفظ . 
ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأنف عقدا ، ولو استأنفه لظهر ، ونقل كما نقل غيره ; ولأن من جاز له تزويج امرأة لغيره من غير قرابة ، جاز له أن يتزوجها ، كالإمام . 
وقولهم : لم يوجد إيجاب ولا قبول . عديم الأثر ; فإنه لو وجد لم يحكموا بصحته ، وعلى أنه إن لم يوجد فقد وجد ما يدل عليه ، وهو جعل العتق صداقا ، فأشبه ما لو تزوج امرأة هو وليها ، وكما لو قال الخاطب للولي : أزوجت ؟ فقال : نعم . وقال للزوج : أقبلت ؟ فقال : نعم . عند أصحابنا ، وكما لو أتى بالكنايات عند  أبي حنيفة  ومن وافقه . ( 5279 ) الفصل الثاني : أن النكاح ينعقد بقوله : أعتقتك ، وجعلت عتقك صداقك وتزوجتك 
وبذلك خاليا عن قوله : وتزوجتك . وهذا لفظ  الخرقي  ، وهو الذي جاء في حديث  أنس .  وبقوله : جعلت عتقك صداقك . أو جعلت صداقك عتقك . وهذا معنى قول  الخرقي    : " سواء تقدم العتق أو تأخر " . ونص  أحمد  على هذا ، في رواية صالح :  إذا قال : جعلت عتقك صداقك ، أو صداقك عتقك . كل ذلك جائز . ( 5280 ) الفصل الثالث : أن لا يكون بينهما فصل . ولو قال : أعتقتك . وسكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ، أو تكلم بكلام أجنبي ، ثم قال : جعلت عتقك صداقك 
لم يصح النكاح ; لأنها صارت بالعتق حرة ، فيحتاج أن يتزوجها برضاها بصداق جديد . 
( 5281 ) الفصل الرابع : أنه لا بد من شاهدين إذا قلنا باشتراط الشهادة في النكاح . نص عليه  أحمد  ، في رواية الجماعة ، وذلك لقوله : { لا نكاح إلا بولي وشاهدين .   } 
				
						
						
