( وإذا ثبت ) عند حاكم ( مال على غائب )  ،  أو ميت  ،  وحكم به بشروطه ( وله مال )  حاضر في عمله  ،  أو دين ثابت على حاضر في عمله كما شمله المتن  ،  واعتمده جمع منهم أبو زرعة  ،  وأطال فيه في فتاويه  ،  ولا ينافيه منعهم الدعوى بالدين على غريم الغريم  ؛  لأنه محمول على ما إذا كان الغريم حاضرا  ،  أو غائبا  ،  ولم يكن دينه ثابتا على غريمه فليس له الدعوى ليقيم شاهدا  ،  ويحلف معه  ،  وجزم  ابن الصلاح   [ ص: 173 ] بأن لغريم ميت لا وارث له  ،  أو له وارث  ،  ولم يدع الدعوى على غريم الميت بعين له تحت يده لعله يقر قال : والأحسن إقامة البينة بها  ،  وتبعه السبكي  قال الغزي  ،  وهو واضح  ،  وما ذكروه في المنع إنما هو في الدين للفرق بينهما  ،  والغائب كالميت فيما ذكر  ،  وقول  شريح  تمتنع إقامة غريم الغائب بينة بملكه عينا منظر فيه  ،  أو محمول على ما إذا أراد أن يدعي ليقيم شاهدا  ،  ويحلف معه ( قضاه الحاكم منه ) إذا طلبه المدعي  ؛  لأن الحاكم يقوم مقامه  ،  ولا يطالبه بكفيل  ؛  لأن الأصل بقاء المال  ،  ولا يعطيه بمجرد الثبوت  ؛  لأنه ليس بحكم أما إذا كان في غير عمله فسيأتي قريبا  ،  واستثنى منه البلقيني  ما إذا كان الحاضر يجبر على دفع مقابله للغائب كزوجة تدعي بصداقها الحال قبل الوطء  ،  وبائع يدعي بالثمن قبل القبض  ،  وما إذا تعلق بالمال الحاضر حق كبائع له لم يقبض ثمنه  ،  وطلب من الحاكم الحجر على المشتري الغائب حيث استحقه فيجيبه  ،  ولا يوفى الدين منه  ،  وكذلك يقدم مؤنة ممون الغائب ذلك اليوم على الدين الذي عليه  ،  وطلب قضاؤه من ماله  ،  ولو كان نحو مرهون تزيد قيمته على الدين فللقاضي بطلب المدعي إجبار المرتهن على أخذ حقه بطريقة ليبقى الفاضل للدائن . ا هـ . 
ولو باع قاض مال غائب في دينه فقدم  ،  وأبطل الدين بإثبات إيفائه  ،  أو نحو فسق شاهد  بطل البيع على الأوجه خلافا للروياني    ( وإلا ) يكن له مال في عمله  ،  أو لم يحكم ( فإن سأل المدعي إنهاء الحال إلى قاضي بلد الغائب )  ،  أو إلى كل من يصل إليه الكتاب من القضاة ( أجابه ) وجوبا  ،  وإن كان المكتوب إليه قاضي ضرورة مسارعة لقضاء حقه ( فينهي إليه سماع بينة )  ،  ثم إن عدلها لم يحتج المكتوب إليه إلى تعديلها  ،  وإلا احتاج إليه ( ليحكم بها ثم يستوفي ) الحق  ،  وخرج بها علمه فلا يكتب به  ؛  لأنه شاهد الآن لا قاض  [ ص: 174 ] ذكره في العدة  ،  وخالفه السرخسي  ،  واعتمده البلقيني  ؛  لأن علمه كقيام البينة  ،  ويؤيده قول المتن الآتي فشافهه بحكمه إلى آخره  ،  وله على الأوجه أن يكتب سماع شاهد واحد ليسمع المكتوب إليه شاهدا آخر  ،  أو يحلفه  ،  ويحكم له ( أو ) ينهي إليه ( حكما ) إن حكم ( ليستوفي ) الحق  ؛  لأن الحاجة تدعو إلى ذلك  ،  ولا يشترط هنا بعد المسافة كما يأتي قيل : إنهاؤه إما سماع بينة  ،  أو ثبت عندي  ،  وهي تستلزم الأولى  ،  ولا عكس  ،  وإما الحكم بالحق  ،  وهو أرفعها  ،  ويستلزم الأولين  ،  والذي يرتب عليه المكتوب إليه الحكم هو الثانية لا الأولى فإذا تعبير المصنف  ليس بمحرر . ا هـ .  ،  ويرد بأن غاية الأمر أن قوله : سماع بينة محتمل لأن يكون معه ثبوت  ،  وأن لا  ،  والمراد الأول  ،  ومثل هذا لا يوجب الجزم بعدم تحرير التعبير  ،  ولو كتب لمعين فشهد الشاهدان عند غيره أمضاه إذ الاعتماد على الشهادة  ،  ولو حضر الغائب  ،  وطلب من الكاتب المبهم البينة المعدل لها أن يبينها له ليقدح فيها أجيب على الأوجه وفاقا لجمع  ،  ولو شهدت بينة عند قاض أن القاضي فلانا ثبت عنده كذا لفلان  ،  وكان قد مات  ،  أو عزل  حكم به  ،  ولم يحتج لإعادة البينة بأصل الحق  ،  وقولهم إذا عزل بعد سماع بينة  ،  ثم ولي أعادها محله كما بينه البلقيني  إذا لم يكن قد حكم بقبول البينة  ،  وإلا لم تجب استعادتها  ،  وإن لم يكن قد حكم بالإلزام بالحق  ،  وفي الكفاية لو فسق  ،  والكتاب بسماع الشهادة لم يقبل  ،  ولم يحكم به كما لو فسق الشاهد قبل الحكم  ،  ومحله إذا كان فسقه قبل عمل المكتوب إليه بالسماع فإن كان بعده لم ينتقض صرح به جمع متقدمون . ا هـ . ملخصا ( تنبيه ) 
إنما يعتد بكتاب القاضي فيما لم يمكن تحصيله بغيره فلو طلب منه أن يحكم لغريب حاضر على غائب بعين غائبة ببلد الغريب  ،  وله بينة من بلده عازمون على السفر إليه  لم تسمع شهادتهم  ،  وإن سمعها لم يكتب بها بل يقول له : اذهب معهم لقاضي بلدك  ،  وبلد ملكك ليشهدوا عنده ( والإنهاء أن يشهد ) ذكرين ( عدلين بذلك ) أي : بما جرى عنده من ثبوت  ،  أو حكم  ،  ولا يكفي غير رجلين  ،  ولو في مال  ،  أو هلال رمضان ( ويستحب كتاب به ) ليذكر الشهود الحال ( يذكر فيه ما يتميز به المحكوم )  ،  أو المشهود ( عليه )  ،  وله من اسم  ،  ونسب  ،  وصنعة  ،  وحلية  ،  وأسماء الشهود  ،  وتاريخه ( ويختمه ) ندبا حفظا له  ،  وإكراما للمكتوب إليه  ،  وختم الكتاب من حيث هو سنة  [ ص: 175 ] متبعة  ،  وظاهر أن المراد بختمه جعل نحو شمع عليه  ،  ويختم عليه بخاتمه  ؛  لأنه يحفظ بذلك  ،  ويكرم به المكتوب إليه حينئذ  ،  وعلى هذا يحمل ما صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يرسل كتبه غير مختومة فامتنع بعضهم من قبولها إلا مختومة فاتخذ خاتما  ،  ونقش عليه محمد  رسول الله  ،  ويسن له ذكر نقش خاتمه الذي يختم به في الكتاب  ،  وأن يثبت اسم نفسه  ،  واسم المكتوب إليه في باطنه  ،  وعنوانه  ،  وقبل ختمه يقرؤه هو  ،  أو غيره بحضرته على الشاهدين  ،  ويقول : أشهد كما أني كتبت إلى فلان بما فيه  ،  ولا يكفي أشهد كما أن هذا خطي  ،  أو أن ما فيه حكمي  ،  ويدفع لهما نسخة أخرى غير مختومة يتذاكران بها  ،  ولو خالفاه  ،  أو انمحى  ،  أو ضاع فالعبرة بهما ( و ) بعد وصوله للمكتوب إليه  ،  وإحضاره الخصم خلافا لقول  ابن الصلاح  لا يتوقف إثبات الكتاب الحكمي على حضور الخصم  ،  ولا على إثبات غيبته الغيبة المعتبرة ثم رأيت القمولي  قال : وهذا غريب  ،  والخادم قال عن الماوردي  لا بد من حضور الخصم  ؛  لأن ذلك شهادة عليه  ،  وسكت عليه الروياني  ،  وغيره  ،  وبه أفتى السبكي  ،  ونقله غيره عن قضية كلام الشيخين  وابن الرفعة  ،  واعتمد أكثر متأخري فقهاء اليمن  ما ذكر عن  ابن الصلاح  قيل : وعليه عمل الأشياخ  ،  والقضاة  ؛  لأن القاضي المنهى إليه منفذ لما قامت به الحجة عند الأول غير مبتدئ للحكم  ،  وقد قطع الروياني  بأن التنفيذ لا يشترط فيه حضور الخصم  ،  والدعوى عليه . ا هـ . 
ويرد بأن التنفيذ إنما يكون في الأحكام التامة التي فرغ منها  ،  وأما الحكم هنا فلا يقال له : تنفيذ  ؛  لأن الأول إن لم يحكم فواضح  ،  وإن حكم  ،  ولم يكن بمحله مال للمحكوم عليه فحكمه لم يتم فنزل منزلة عدم الحكم  ،  وعلى كل فليس هنا محض تنفيذ فاشترط حضور الخصم  ،  وإن كان هناك حكم احتياطا ( يشهدان عليه إن أنكر ) بما فيه ( فإن قال : لست المسمى في الكتاب صدق بيمينه ) على ذلك  ؛  لأن الأصل براءته ( وعلى المدعي بينة )  ،  ويكفي فيها العدالة الظاهرة كما أخذه الزركشي  من كلام الرافعي    ( بأن هذا المكتوب اسمه  ،  ونسبه )  [ ص: 176 ] نعم إن كان معروفا بهما حكم عليه  ،  ولم يلتفت لإنكاره ( فإن أقامها بذلك فقال : لست المحكوم عليه لزمه الحكم إن لم يكن هناك مشارك له في الاسم  ،  والصفات )  ،  أو كان  ،  ولم يعاصره  ؛  لأن الظاهر أنه المحكوم عليه (  ،  وإن كان ) هناك من يشاركه بعلم القاضي  ،  أو بينة  ،  وقد عاصره قال جمع متقدمون : وأمكنت معاملته أي : أو معاملة مورثه  ،  أو إتلافه لماله  ،  ومات بعد الحكم  ،  أو قبله  ،  وقع الإشكال فيرسل للكاتب بما يأتي  ،  وإن لم يمت ( أحضر فإن اعترف بالحق طولب  ،  وترك الأول ) إن صدق المدعي المقر  ،  وإلا فهو مقر لمنكر  ،  ويبقى طلبه على الأول ( وإلا ) أي : وإن أنكر ( بعث ) المكتوب إليه ( إلى الكاتب ) بما وقع من الإشكال ( ليطلب من الشهود زيادة صفة تميزه  ،  ويكتبها )  ،  وينهيها لقاضي بلد الغائب ( ثانيا ) فإن لم يجد مزيدا وقف الأمر حتى ينكشف الحال  ،  وبحث البلقيني  أنه لا بد من حكم ثان بما كتب به من غير دعوى  ،  ولا حلف  ،  وفيه  ،  وقفة  ؛  لأن هذا من تتمة الحكم الأول فلا حاجة لاستئناف حكم آخر . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					