إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم   
 [ ص: 645 ]  "استزلهم": طلب منهم الزلل ودعاهم إليه ببعض ما كسبوا   : من ذنوبهم ومعناه: إن الذين انهزموا يوم أحد  كان السبب في توليهم أنهم كانوا أطاعوا الشيطان فاقترفوا ذنوبا، فلذلك منعتهم التأييد وتقوية القلوب حتى تولوا، وقيل: استزلال الشيطان إياهم هو التولي، وإنما دعاهم إليه بذنوب قد تقدمت لهم; لأن الذنب يجر إلى الذنب، كما أن الطاعة تجر إلى الطاعة وتكون لطفا فيها. 
وقال  الحسن   -رضي الله عنه-: استزلهم بقبول ما زين لهم من الهزيمة، وقيل: ببعض ما كسبوا  هو تركهم المركز الذي أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالثبات فيه، فجرهم ذلك إلى الهزيمة، وقيل: ذكرهم تلك الخطايا فكرهوا لقاء الله معها، فأخروا الجهاد حتى يصلحوا أمرهم ويجاهدوا على حال مرضية. 
فإن قلت: لم قيل: ببعض ما كسبوا  ؟ قلت: هو كقوله تعالى: ويعفو عن كثير   [المائدة: 15]، ولقد عفا الله عنهم  لتوبتهم واعتذارهم، إن الله غفور  للذنوب "حليم": لا يعاجل بالعقوبة. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					