[ ص: 201 ] وأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به في كلام الصحابة  فيريدون به التوسل بدعائه وشفاعته . والتوسل به في عرف كثير من المتأخرين يراد به الإقسام به والسؤال به كما يقسمون بغيره من الأنبياء والصالحين ومن يعتقدون فيه الصلاح . وحينئذ فلفظ التوسل به يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين ويراد به معنى ثالث لم ترد به سنة . فأما المعنيان الأولان - الصحيحان باتفاق العلماء : - فأحدهما هو أصل الإيمان والإسلام وهو التوسل بالإيمان به وبطاعته . والثاني دعاؤه وشفاعته كما تقدم : فهذان جائزان بإجماع المسلمين ومن هذا قول  عمر بن الخطاب   : " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا أي بدعائه وشفاعته وقوله تعالى { وابتغوا إليه الوسيلة   } أي القربة إليه بطاعته ; وطاعة رسوله طاعته قال تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله   } . فهذا التوسل الأول هو أصل الدين وهذا لا ينكره أحد من المسلمين . وأما التوسل بدعائه وشفاعته - كما قال عمر   - فإنه توسل بدعائه لا بذاته ; ولهذا عدلوا عن التوسل به إلى التوسل بعمه العباس  ولو كان التوسل هو بذاته لكان هذا أولى من التوسل بالعباس  فلما عدلوا عن التوسل به إلى التوسل  [ ص: 202 ] بالعباس   : علم أن ما يفعل في حياته قد تعذر بموته ; بخلاف التوسل الذي هو الإيمان به والطاعة له فإنه مشروع دائما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					