كتاب المساقاة ( قال  أبو حنيفة    : المساقاة بجزء من الثمر  باطلة ، وقالا : جائزة إذا ذكر مدة معلومة وسمى جزءا من الثمر مشاعا )  [ ص: 479 ] والمساقاة : هي المعاملة والكلام فيها كالكلام في المزارعة . وقال  الشافعي  رحمه الله : المعاملة جائزة ، ولا تجوز المزارعة إلا تبعا للمعاملة لأن الأصل في هذا المضاربة ، والمعاملة أشبه بها لأن فيه شركة في الزيادة دون الأصل . وفي المزارعة لو شرطا الشركة في الربح دون البذر بأن شرطا رفعه من رأس الخارج تفسد ، فجعلنا المعاملة أصلا ، وجوزنا المزارعة تبعا لها كالشرب في بيع الأرض والمنقول في وقف العقار ، وشرط المدة قياس فيها لأنها إجارة معنى كما في المزارعة . 
وفي الاستحسان : إذا لم يبين المدة يجوز ويقع على أول ثمر يخرج ، لأن الثمر لإدراكها وقت معلوم وقلما يتفاوت ويدخل فيما ما هو المتيقن ، وإدراك البذر في أصول الرطبة في هذا بمنزلة إدراك الثمار ، لأن له نهاية معلومة فلا يشترط بيان المدة ، بخلاف الزرع لأن ابتداءه يختلف كثيرا خريفا  [ ص: 480 ] وصيفا وربيعا ، والانتهاء بناء عليه فتدخله الجهالة ، وبخلاف ما إذا دفع إليه غرسا قد علق ولم يبلغ الثمر معاملة حيث لا يجوز إلا ببيان المدة لأنه يتفاوت بقوة الأراضي وضعفها تفاوتا فاحشا ، وبخلاف ما إذا دفع نخيلا أو أصول رطبة على أن يقوم عليها أو أطلق في الرطبة تفسد المعاملة ، لأنه ليس لذلك نهاية معلومة ، لأنها تنمو ما تركت في الأرض فجهلت المدة ( ويشترط تسمية الجزء مشاعا ) لما بينا في المزارعة إذ شرط جزء معين يقطع الشركة ( فإن سميا في المعاملة وقتا يعلم أنه لا يخرج الثمر فيها  فسدت المعاملة ) لفوات المقصود وهو الشركة في الخارج ( ولو سميا مدة قد يبلغ الثمر فيها وقد يتأخر عنها  جازت ) لأنا لا نتيقن بفوات المقصود ، ثم لو خرج في الوقت المسمى فهو على الشركة لصحة العقد ، وإن تأخر فللعامل أجر المثل لفساد العقد لأنه تبين الخطأ في المدة المسماة فصار كما إذا علم ذلك في الابتداء ، بخلاف ما إذا لم يخرج أصلا لأن الذهاب بآفة فلا يتبين فساد المدة فيبقى العقد صحيحا ، ولا شيء لكل واحد منهما على صاحبه . 
قال ( وتجوز المساقاة في النخل والشجر والكرم والرطاب وأصول الباذنجان    ) وقال  الشافعي  في الجديد : لا تجوز إلا في الكرم والنخل ، لأن جوازها بالأثر وقد خصهما وهو حديث خيبر    . ولنا أن الجواز للحاجة وقد عمت ، وأثر خيبر  لا يخصهما لأن أهلها كانوا يعملون في الأشجار  [ ص: 481 ] والرطاب أيضا ، ولو كان كما زعم فالأصل في النصوص أن تكون معلولة سيما على أصله ( وليس لصاحب الكرم أن يخرج العامل من غير عذر    ) لأنه لا ضرر عليه في الوفاء بالعقد ( وكذا ليس للعامل أن يترك العمل بغير عذر    ) بخلاف المزارعة بالإضافة إلى صاحب البذر على ما قدمناه . قال ( فإن دفع نخلا فيه تمر مساقاة والتمر يزيد بالعمل  جاز وإن كانت قد انتهت لم يجز ) وكذا على هذا إذا دفع الزرع وهو بقل جاز ، ولو استحصد وأدرك لم يجز ، لأن العامل إنما يستحق بالعمل ، ولا أثر للعمل بعد التناهي والإدراك ، فلو جوزناه لكان استحقاقا بغير عمل ولم يرد به الشرع ، بخلاف ما قبل ذلك لتحقق الحاجة إلى العمل . 
قال ( وإذا فسدت المساقاة  فللعامل أجر مثله ) لأنه في معنى الإجارة الفاسدة ، وصار كالمزارعة إذا فسدت . 
     	
		 [ ص: 478 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					