القاعدة الخامسة عشرة " هل العبرة بالحال أو بالمآل ؟ " فيه خلاف ، والترجيح مختلف ، ويعبر عن هذه القاعدة بعبارات : 
منها : ما قارب الشيء ، هل يعطى حكمه ؟ 
والمشرف على الزوال ، هل يعطى حكم الزائل ؟ 
والمتوقع ، هل يجعل كالواقع ؟ 
وفيها فروع : منها : إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا ، فأتلفه قبل الغد ، فهل يحنث في الحال أو حتى يجيء الغد ؟  وجهان ، أصحهما : الثاني . 
ومنها : لو كان القميص ، بحيث تظهر منه العورة عند الركوع ، ولا تظهر عند القيام فهل تنعقد صلاته  ثم إذا ركع تبطل ، أو لا تنعقد أصلا ؟ وجهان ، أصحهما : الأول . 
ونظيرها : لو لم يبق من مدة الخف ما يسع الصلاة ، فأحرم بها ، فهل تنعقد ؟  فيه وجهان ، الأصح : نعم . 
وفائدة الصحة في المسألتين : صحة الاقتداء به ثم مفارقته . 
وفي المسألة الأولى : صحتها إذا ألقى على عاتقه ثوبا قبل الركوع    . 
قال صاحب المعين : وينبغي القطع بالصحة فيما إذا صلى على جنازة ; إذ لا ركوع فيها . 
ومنها : من عليه عشرة أيام من رمضان ، فلم يقضها حتى بقي من شعبان خمسة أيام فهل يجب فدية ما لا يسعه الوقت في الحال ، أو لا يجب ، حتى يدخل رمضان ؟  فيه وجهان وشبههما الرافعي  وغيره ، بما إذا حلف ليشربن ماء هذا الكوز غدا ، فانصب قبل الغد    . 
 [ ص: 179 ] وقال السبكي    : وفي هذا التشبيه نظر ; لأن الصحيح فيما إذا انصب بنفسه . عدم الحنث . 
ونظيره هنا : إذا لم يزل عذره إلا ذلك الوقت . ولا شك أنه لا يجب عليه شيء . 
فيجب فرض المسألة فيما إذا كان التمكن سابقا ، وحينئذ فنظيره : أن يصب هو الماء ، فإنه يحنث ، وفي وقت حنثه : الوجهان . 
قال الرافعي    : الذي أورده ابن كج    : أنه لا يحنث إلا عند مجيء الغد ، وعلى قياسه هنا : لا يلزم إلا بعد مجيء رمضان . 
ومنها : لو أسلم فيما يعم وجوده عند المحل ، فانقطع قبل الحلول ، فهل يتنجز حكم الانقطاع . وهو ثبوت الخيار في الحال ، أو يتأخر إلى المحل  وجهان . أصحهما : الثاني 
ومنها : لو نوى في الركعة الأولى الخروج من الصلاة في الثانية ، أو علق الخروج بشيء يحتمل حصوله في الصلاة ، فهل تبطل في الحال ، أو حتى توجد الصفة  ؟ وجهان . أصحهما : الأول . 
ومنها : من عليه دين مؤجل يحل قبل رجوعه ، فهل له السفر    ; إذ لا مطالبة في الحال أولا ، إلا بإذن الدائن ; لأنه يجب في غيبته ؟ وجهان . أصحهما : الأول . 
ومنها : إذا استأجر امرأة أشرفت على الحيض لكنس المسجد    . جاز ، وإن ظن طروءه ،  وللقاضي حسين    : احتمال بالمنع ، كالسن الوجيعة ، إذا احتمل زوال الألم . 
والفرق على الأصح : أن الكنس في الجملة جائز ، والأصل عدم طروء الحيض . 
ومنها : هل العبرة في مكافأة القصاص بحال الجرح ، أو الزهوق ؟  
ومنها : هل العبرة في الإقرار للوارث بكونه وارثا حال الإقرار ، أو الموت ؟  وجهان أصحهما : الثاني ، كالوصية . 
ومنها : هل العبرة بالثلث الذي يتصرف فيه المريض بحال الوصية أو الموت ؟  وجهان أصحهما : الثاني . ومقابله ، قاسه على ما لو نذر التصدق بماله . 
ومنها : هل العبرة في الصلاة المقضية بحال الأداء ، أو القضاء ؟  وجهان يأتيان في بحثه . 
ومنها ، هل العبرة في تعجيل الزكاة بحال الحول أو التعجيل .  
؟ ومنها ، هل العبرة في الكفارة المرتبة بحال الوجوب أو الأداء ؟  قولان أصحهما : الثاني . 
ومنها : هل العبرة في طلاق السنة ، أو البدعة بحال الوقوع أو التعليق  ؟ ومنها : تربية جرو الكلب لما يباح تربية الكبير له . 
 [ ص: 180 ] ومنها : الجارية المبيعة ، هل يجوز وطؤها بعد الترافع إلى مجلس الحكم قبل التحالف ؟  وجهان ، أصحهما : نعم ، وبعد التحالف وجهان مرتبان ، وأولى بالمنع . 
ومنها : لو حدث في المغصوب نقص يسري إلى التلف ، بأن جعل الحنطة هريسة ، فهل هو كالتالف أو لا ؟ بل يرده مع أرش النقص ؟  قولان أصحهما : الأول . 
تنبيه : 
جزم باعتبار الحال في مسائل : منها : إذا وهب للطفل من يعتق عليه وهو معسر  وجب على الولي قبوله ، لأنه لا يلزمه نفقته في الحال ، فكان قبول هذه الهبة تحصيل خير ، وهو العتق بلا ضرر ، ولا ينظر إلى ما لعله يتوقع من حصول يسار للصبي ، وإعسار لهذا القريب ; لأنه غير متحقق أنه آيل . 
وجزم باعتبار المآل في مسائل : منها : بيع الجحش الصغير  جائز ، وإن لم ينتفع به حالا لتوقع النفع به مآلا . 
ومنها : جواز التيمم لمن معه ماء يحتاج إلى شربه في المآل ، لا في الحال    . 
ومنها : المساقاة على ما لا يثمر في السنة ، ويثمر بعدها  جائز بخلاف إجارة الجحش الصغير ; لأن موضوع الإجارة تعجيل المنفعة ، ولا كذلك المساقاة ، إذ تأخر الثمار محتمل فيها . 
كذا فرق الرافعي  قال ابن السبكي    : وبه يظهر لك أن المنفعة المشترطة في البيع غير المشترطة في الإجارة ، إذ تلك أعم من كونها حالا أو مآلا ، ولا كذلك الإجارة . 
				
						
						
