وكذلك لا يستوفى حد القذف إلا بحضرة الإمام ، ولا ينفرد مستحقه باستيفائه لأنه غير مضبوط في شدة وقعه وإيلامه .
وكذلك التعزير لا يفوض إلى مستحقه إلا أن يضبطه الإمام بالحبس في مكان معلوم في مدة معلومة فيجوز له أن يتولاه المستحق .
وكذلك لا يجوز تفويض الحد والتعزير إلى عدو المحدود والمعزر : لما يخشى ذلك من مجاوزة الشرع في شدة الضرب .
وكذلك لا يفوض إلى الآباء والأبناء لاتهامهم في تخفيفه عن القدر المشروع ، ولو فوض الإمام قطع السرقة إلى السارق ، أو وكل المجني عليه الجاني في قطع عضو القصاص فوجهان :
أحدهما : يجوز لحصول المقصود باستيفائه .
والثاني لا يجوز لأن الاستيفاء لغيره أزجر له كما قالت الزباء لما مصت السم من خاتمها : بيدي لا بيدك يا عمرو .
ولو أوجر رجلا سما مدففا فقتله فأمره ولي القصاص بأن يشرب مثل ذلك السم ، فينبغي أن يخرج على الوجهين ، وقد قدمنا نظائر كثيرة لما خالف القواعد والأقيسة لما فيه من جلب المصالح العامة والخاصة ، والشريعة كلها مصالح من رب الأرباب لعباده فيا خيبة من لم يقبل نصحه في الدنيا والآخرة ؟ ؟
ارض لمن غاب عنك غيبته فذاك ذنب عقابه فيه
وكفى بالإنسان شرفا أن يتزين بطاعة مولاه فيما أمره ونهاه . وكفى به شرا أن يؤثر هواه على طاعة مولاه { بئس للظالمين بدلا } { ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون } .


