القول في تأويل قوله تعالى : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا  وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون   ( 8 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : كيلا يكون ما أفاء الله على رسوله دولة بين الأغنياء منكم ، ولكن يكون للفقراء المهاجرين   . وقيل : عني بالمهاجرين   : مهاجرة قريش .  [ ص: 281 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   ( ما أفاء الله على رسوله   ) من قريظة  جعلها لمهاجرة قريش   . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا يعقوب  ، عن جعفر  ، عن سعيد بن جبير  ،  وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى  قالا : كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحج عليها ويغزو ، فنسبهم الله إلى أنهم فقراء ، وجعل لهم سهما في الزكاة . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم   ) . . . إلى قوله : ( أولئك هم الصادقون   ) قال : هؤلاء المهاجرون  تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر ، خرجوا حبا لله ولرسوله ، واختاروا الإسلام على ما فيه من الشدة ، حتى لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها . 
وقوله : ( الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم   ) وقوله : ( يبتغون فضلا من الله ورضوانا   ) موضع يبتغون نصب ؛ لأنه في موضع الحال . وقوله : ( وينصرون الله ورسوله   ) يقول : وينصرون دين الله الذي بعث به رسوله محمدا   - صلى الله عليه وسلم - . وقوله : ( أولئك هم الصادقون   ) يقول : هؤلاء الذين وصف صفتهم من الفقراء المهاجرين هم الصادقون فيما يقولون . 
				
						
						
