وفي المسألة قول رابع : وهو أنه لا إحصار بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بعذر كائنا ما كان  وهو ضعيف جدا ، ولا معول عليه عند العلماء ; لأن حكم الإحصار منصوص عليه في   [ ص: 83 ] القرآن والسنة ، ولم يرد فيه نسخ ، فادعاء دفعه بلا دليل واضح السقوط كما ترى ، هذا هو خلاصة البحث في قوله تعالى : ( فإن أحصرتم    ) [ 2 \ 196 ] . 
وأما قوله : ( فما استيسر من الهدي    )  فجمهور العلماء على أن المراد به شاة فما فوقها ، وهو مذهب الأئمة الأربعة ، وبه قال  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه ، ورواه  سعيد بن جبير  ، عن  ابن عباس  ، وبه قال  طاوس  ، وعطاء  ، ومجاهد  ، وأبو العالية  ، ومحمد بن علي بن الحسين  ، وعبد الرحمن بن القاسم  ،  والشعبي  ، والنخعي  ، والحسن  ، وقتادة  ، والضحاك  ،  ومقاتل بن حيان  وغيرهم ، كما نقله عنهم ابن كثير  وغيره . 
وقال جماعة من أهل العلم : إن المراد بما استيسر من الهدي إنما هو الإبل والبقر دون الغنم ، وهذا القول مروي عن عائشة  ،  وابن عمر  ، وسالم  ، والقاسم  ،  وعروة بن الزبير  ،  وسعيد بن جبير  وغيرهم . 
قال ابن كثير    : والظاهر أن مستند هؤلاء فيما ذهبوا إليه قصة الحديبية    ; فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذلك شاة ، وإنما ذبحوا الإبل والبقر . 
ففي الصحيحين عن جابر  قال : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بقرة   " . 
قال مقيده عفا الله عنه : لا يخفى أن التحقيق في هذه المسألة : أن المراد بما استيسر من الهدي ما تيسر مما يسمى هديا ، وذلك شامل لجميع الأنعام : من إبل ، وبقر ، وغنم ، فإن تيسرت شاة أجزأت ، والناقة والبقرة أولى بالإجزاء . 
وقد ثبت في " الصحيحين " عن عائشة    - رضي الله عنها - قالت : " أهدى صلى الله عليه وسلم مرة غنما   " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					