[ ص: 145 ] مقدمة المؤلف  
بسم الله الرحمن الرحيم  
( وبه نستعين وما توفيقي إلا بالله وصلى الله على سيدنا  محمد   وعلى آله وأصحابه وسلم ) .  
أنبأنا   الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ  إملاء في يوم الإثنين السابع من المحرم سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة .  
الحمد لله العزيز القهار ، الصمد الجبار ، العالم بالأسرار ، الذي اصطفى سيد البشر  محمد بن عبد الله   بنبوته ورسالته . وحذر جميع خلقه مخالفته ، فقال - عز من قائل - : (  فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما      ) . وصلوات الله عليه وآله أجمعين .  
أما بعد : فإن الله تعالى ذكره - أنعم على هذه الأمة باصطفائه بصحبة نبيه صلى الله عليه وعلى آله أخيار خلقه في عصره ، وهم الصحابة النجباء ، البررة الأتقياء ، لزموه في الشدة والرخاء ، حتى حفظوا عنه ما شرع لأمته بأمر الله - تعالى ذكره - ثم نقلوه إلى أتباعهم ، ثم كذلك عصرا بعد عصر إلى عصرنا هذا ، وهو هذه الأسانيد المنقولة إلينا بنقل العدل عن العدل ، وهي كرامة من الله لهذه الأمة خصهم بها دون سائر الأمم ، ثم قيض الله لكل عصر جماعة من علماء الدين ، وأئمة المسلمين ، يزكون رواة الأخبار ونقلة الآثار ليذبوا به الكذب عن وحي الملك الجبار ،      [ ص: 146 ] فمن هؤلاء الأئمة :  أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي  ،   وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري     - رضي الله عنهما - صنفا في صحيح الأخبار كتابين مهذبين انتشر ذكرهما في الأقطار ، ولم يحكما ولا واحد منهما أنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجه ، وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار ، بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث ، وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على ألف جزء أو أقل أو أكثر منه كلها سقيمة غير صحيحة .  
وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج   محمد بن إسماعيل  ،   ومسلم بن الحجاج  بمثلها ، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له ، فإنهما - رحمهما الله - لم يدعيا ذلك لأنفسهما .  
وقد خرج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها ، وهي معلولة ، وقد جهدت في الذب عنهما في " المدخل إلى الصحيح " بما رضيه أهل الصنعة ، وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات ، قد احتج بمثلها الشيخان - رضي الله عنهما - أو أحدهما ، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام أن الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة ، والله المعين على ما قصدته ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
فمن الأحاديث التي مدخلها :  
				
						
						
