فصل :  فإذا ثبت أن التعزير ليس بواجب فحدث عنه التلف فالإمام ضامن له   وقال  مالك   ،  وأبو حنيفة      : لا ضمان استدلالا بأن زواجر الإمام غير مضمونة عليه كالحدود . ودليلنا ما روي  أن  عمر      - رضي الله عنه - بعث إلى امرأة في شيء بلغه عنها رسولا فأسقطت . فقال  لعثمان   وعبد الرحمن   ما تقولان ؟ فقالا : لا شيء عليك ، وإنما أنت مؤدب ، فأقبل على  علي   عليه السلام فقال : ما تقول ؟ فقال : إن كانا ما اجتهدا فقد غشا ، وإن كانا قد اجتهدا فقد أخطآ . عليك الدية ، فقال : عزمت عليك لا تبرح حتى تضربها على قومك يعني على  قريش      : لأنهم عاقلته     . وروي  عن  علي   عليه السلام أنه قال : ما أحد أقيم عليه الحد فيموت فأجد في نفسي منه شيئا ألحق قتله ، إلا شارب الخمر ، إنه رأي رأيناه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن مات منه فديته على عاقلة الإمام ، أو قال : في بيت المال يعني فيما زاد على الأربعين الذي رآه للمصلحة اختيارا  ، وتلك الزيادة تعزير .  
ولأنه ضرب غير محدود الطرفين على فعل متقدم ، فوجب أن يتعلق به الضمان عند      [ ص: 436 ] 
التلف كضرب الزوج والمعلم ، ولا يدخل عليه من دفع إنسانا عن نفسه أو ماله : لأنه ليس على فعل متقدم ، فأما  الحدود الواجبة فلا يتعلق بها ضمان   لما عليه من استيفائها ، وأن الضمان يمنع الإقدام عليها . فإذا ثبت  وجوب الضمان من التعزير   ، فأن تكون الدية على قولين :  
أحدهما : على عاقلة الإمام لحديث  عمر   وقوله  لعلي      : عزمت عليك لا تبرح حتى تضربها على قومك ، فعلى هذا تكون الكفارة في ماله .  
والقول الثاني : أن الدية في بيت المال : لأنه نائب فيه عن كافة المسلمين ، فاقتضى أن يكون ما حدث عنه من الضمان في بيت مالهم ، فعلى هذا في الكفارة وجهان :  
أحدهما : في بيت المال أيضا . والثاني : في ماله ويكون تأويل فعل  عمر   في تحصيل الدية لعاقلته ؛ أنه لم يكن في بيت المال مال فعاد إلى عاقلته كما أن من وجبت الدية على عاقلته إذا عدموا جعلت في بيت المال ، والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					