فصل 
في الدفع إلى منى   وما يتعلق به 
ثم بعد صلاة الصبح ، يدفعون إلى منى    . فإذا انتهوا إلى قزح  ، وهو جبل مزدلفة  ، وقفوا فذكروا الله تعالى ودعوا إلى الأسفار مستقبلين الكعبة    . ولو وقفوا في موضع آخر من المزدلفة  ، حصل أصل هذه السنة ، لكن أفضله ما ذكرناه . ولو فاتت هذه السنة ، لم تجبر بدم كسائر الهيئات . فإذا أسفروا ، ساروا إلى منى  وعليهم السكينة ، ومن وجد فرجة ، أسرع . فإذا بلغوا وادي محسر  ، استحب للراكب تحريك دابته ، وللماشي الإسراع قدر رمية حجر    . وفي وجه : لا يسرع الماشي ، وهو ضعيف شاذ . ثم يسيرون وعليهم السكينة ، ويصلون منى  بعد طلوع الشمس ، فيرمون سبع حصيات إلى جمرة العقبة  ، وهي أسفل الجبل مرتفعة عن الجادة ، على يمين السائر إلى مكة  ، ولا ينزل الراكبون حتى يرموا . والسنة أن يكبر مع كل حصاة ، ويقطع التلبية إذا بدأ بالرمي . وقال  القفال     : إذا رحلوا من مزدلفة  ، خلطوا التلبية بالتكبير في مسيرهم . 
فإذا افتتحوا الرمي محضوا التكبير . قال الإمام : ولم أر هذا لغيره . فإذا رمى نحر إن كان معه هدي ، ثم حلق أو قصر . فإذا فرغ منه دخل مكة  وطاف طواف   [ ص: 101 ] الإفاضة ، وهو الركن . وسعى بعده إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم ، ثم يعود إلى منى  للمبيت بها والرمي أيام التشريق . ويستحب أن يعود إليها قبل أن يصلي الظهر . 
فرع 
الحلق في وقته في الحج والعمرة  ، فيه قولان . أحدهما : أنه استباحة محظور ، وليس بنسك . وأظهرهما : أنه نسك ، وهو ركن لا يجبر بالدم . حتى لو كانت برأسه علة لا يمكنه بسببها التعرض للشعر صبر إلى الإمكان ، ولا يفدي بخلاف من لا شعر على رأسه ، فإنه لا يؤمر بالحلق بعد نباته ؛ لأن النسك حلق شعر يشتمل الإحرام عليه . ويقوم التقصير مقام الحلق ، لكن الحلق أفضل    . والمرأة لا تؤمر بالحلق ، بل تقصر    . ويستحب أن يكون تقصيرها بقدر أنملة من جميع جوانب رأسها . ويختص الحلق والتقصير بشعر الرأس . ويستحب أن يبدأ بحلق الشق الأيمن  ، ثم الأيسر ، وأن يستقبل القبلة ، وأن يدفن شعره . والأفضل ، أن يحلق أو يقصر جميع الرأس . وأقل ما يجزئ  حلق ثلاث شعرات أو تقصيرها . ولنا وجه بعيد : أن الفدية تكمل في الشعرة الواحدة في الحلق المحظور ، وذلك الوجه عائد في حصول النسك بحلق الشعرة الواحدة . ولو حلق ثلاث شعرات في دفعات ، أو أخذ من شعرة واحدة شيئا ، ثم عاد ثانيا فأخذ منها ، ثم عاد ثالثا وأخذ منها ، فإن كملنا الفدية بها ، لو كان محظورا حصل [ به ] النسك ، وإلا فلا . وإذا قصر ، فسواء أخذ مما يحاذي الرأس أو مما استرسل عنه ، وفي وجه شاذ : لا يجزئ المسترسل . ولا يتعين للحلق والتقصير آلة ، بل حكم   [ ص: 102 ] النتف ، والإحراق ، والأخذ بالموسى أو النورة أو المقصين واحد . ومن لا شعر على رأسه  ، لا شيء عليه . ويستحب له إمرار الموسى على رأسه . 
قال   الشافعي     - رحمه الله - : ولو أخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئا  كان أحب إلي . وجميع ما ذكرناه ، فيمن لم يلتزم الحلق . أما من نذر الحلق في وقته يلزمه ولا يجزئه التقصير ، ولا النتف والإحراق . وفي استئصال الشعر بالمقصين وإمرار الموسى من غير استئصال تردد للإمام ، والظاهر : المنع ، لعدم اسم الحلق . ولو لبد رأسه في الإحرام ، فهل هو كالنذر ؟ قولان . الجديد : لا . وفي وجه غريب : لا يلزم الحلق بالنذر إذا لم نجعله نسكا . 
فرع 
وقت حلق المعتمر  ، إذا فرغ من السعي . فلو جامع بعد السعي وقبل الحلق  ، فسدت عمرته إذا قلنا : الحلق نسك ؛ لوقوع جماعه قبل التحلل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					