( 510 ) مسألة : قال : والمستحاضة ، إن اغتسلت لكل صلاة فهو أشد ما قيل فيها ; وإن توضأت لكل صلاة  أجزأها اختلف أهل العلم في المستحاضة ، فقال بعضهم : يجب عليها الغسل لكل صلاة روي ذلك عن  علي  ،  وابن عمر  ،  وابن عباس   وابن الزبير  وهو أحد قولي  الشافعي  في المتحيرة ; لأن  عائشة  روت ، { أن  أم حبيبة  استحيضت ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل ، لكل صلاة   } ، متفق عليه ، وروى أبو داود  ، { أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل عند كل صلاة   } وقال بعضهم تغتسل كل يوم غسلا وروي ذلك عن عائشة  ، وعن  ابن عمر  ،  وأنس  ،  وسعيد بن المسيب  فإنهم قالوا : تغتسل من ظهر إلى ظهر . 
قال  مالك    : إني أحسب حديث  ابن المسيب  إنما هو : من طهر إلى طهر . ولكن الوهم دخل فيه . يعني أن الطاء  [ ص: 221 ] غير المعجمة أبدلت بالظاء المعجمة . وقال بعضهم : تجمع بين كل صلاتي جمع بغسل واحد ، وتغتسل للصبح على ما في حديث حمنة    . وقد ذكرناه ، وكذلك أمر به سهلة بنت سهيل  وبه قال  عطاء  ،  والنخعي  وأكثر أهل العلم ، على أن الغسل عند انقضاء الحيض ، ثم عليها الوضوء لكل صلاة ، ويجزئها ذلك ويروى هذا عن  عروة  ، وبه قال  الشافعي  وأصحاب الرأي . وقال عكرمة  ،  وربيعة  ،  ومالك  إنما عليها الغسل عند انقضاء حيضها وليس عليها للاستحاضة وضوء ; لأن ظاهر حديث  هشام بن عروة  عن أبيه عن  عائشة  ، في حديث فاطمة بنت أبي حبيش  الغسل فقط ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : " فاغتسلي وصلي " . ولم يذكر الوضوء لكل صلاة . 
ولنا : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال  لفاطمة  إنما ذلك عرق ، وليست بالحيضة ، فإذا أقبلت فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ، وتوضئي لكل صلاة   } قال الترمذي    : هذا حديث حسن صحيح . وهذه زيادة يجب قبولها . وفي حديث  عدي بن ثابت ،  عن أبيه عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة { تدع الصلاة أيام أقرائها ، ثم تغتسل وتصلي ، وتتوضأ عند كل صلاة ،   } . 
ولأنه دم خارج من الفرج ، فأوجب الوضوء كدم الحيض ، وهذا يدل على أن الغسل المأمور به في سائر الأحاديث مستحب غير واجب ، والغسل لكل صلاة أفضل ; لما فيه من الخروج من الخلاف ، والأخذ بالثقة والاحتياط ، وهو أشد ما قيل ، ثم يليه في الفضل والمشقة الجمع بين كل صلاتين بغسل واحد ، والاغتسال للصبح ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : { وهو أعجب الأمرين إلي   } . ثم يليه الغسل كل يوم مرة بعد الغسل عند انقضاء الحيض ، ثم تتوضأ لكل صلاة ، وهو أقل الأمور ويجزئها . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					