( والنكول ) يحصل بأمور منها ( أن يقول ) بعد عرض اليمين عليه : ( أنا ناكل أو يقول له القاضي : احلف فيقول : لا أحلف ) لصراحتهما فيه . ومن ثم لو طلب العود إلى الحلف ولم يرض المدعي لم يجب كما اعتمده وإن نازع فيه جمع ، ورجح البلقيني اعتبار الحكم [ ص: 358 ] لكونه مجتهدا فيه ، ومن النكول أيضا أن يقول له : قل بالله فيقول بالرحمن كما أطلقوه . نعم يتجه تقييده أخذا مما يأتي فيمن توسم فيه الجهل بإصراره على ذلك بعد علمه بوجوب امتثال أمر الحاكم ، وكلامهم هنا صريح في الاكتفاء بالحلف بالرحمن وهو ظاهر خلافا للبلقيني ، ولو قال له : قل بالله : فقال والله أو تالله ففيه وجهان : أرجحهما أنه غير ناكل كعكسه لوجود الاسم ، والتفاوت إنما هو في مجرد الصلة فلم يؤثر ، ولو امتنع من التغليظ في شيء مما مر كان ناكلا خلافا للبلقيني ( فإن ) ( سكت ) بعد عرض اليمين عليه لا لنحو دهشة ( حكم القاضي بنكوله ) بأن يقول له : جعلتك ناكلا أو نكلتك بالتشديد لامتناعه ، ولا يصير هنا ناكلا من غير حكم لأن ما صدر منه ليس صريح نكول ، ويندب أن يعرضها الحاكم عليه ثلاثا وهو في الساكت آكد ، ولو توسم منه جهل حكم النكول وجب عليه تعريفه بأن يقول له : إن نكولك يوجب حلف المدعي وأنه لا تسمع بينتك بعده بإبراء أو نحوه ، فلو حكم عليه ولم يعرفه نفذ إذ هو المقصر بعدم تعلمه حكم النكول ( وقوله ) أي القاضي ( للمدعي ) بعد امتناع المدعى عليه أو سكوته : ( احلف ) وإقباله عليه ليحلفه وإن لم يقل : احلف ( حكم ) منه ( بنكوله ) أي منزل منزلة حكمه به فليس للمدعى عليه أن يحلف إلا إن رضي المدعي ، وبما تقرر هنا وفيما مر علم أن للخصم بعد نكوله العود إلى الحلف وإن كان قد هرب وعاد ما لم يحكم بنكوله حقيقة أو تنزيلا وإلا لم يعد له إلا برضا المدعي ، فإن لم يحلف لم يكن للمدعي الحلف في يمين مردودة لتقصيره برضاه بحلفه ، ولو هرب الخصم من مجلس الحكم بعد نكوله وقبل عرض الحاكم اليمين على المدعي امتنع على المدعي حلف المردودة على ما قاله الرافعي عن البغوي ، وله طلب حلف غريمه بعد إقامة شاهد واحد ، وحينئذ فلا تنفعه إلا البينة الكاملة لتقصيره ، ولو نكل في جواب وكيل المدعي ثم حضر الموكل فله تحليفه من غير تجديد دعوى .


