[ ص: 359 ]  ( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون    ( 4 ) يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون   ( 5 ) ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم   ( 6 ) ) . 
يخبر تعالى أنه الخالق للأشياء ، فخلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش . وقد تقدم الكلام على ذلك . 
( ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع   ) أي : بل هو المالك لأزمة الأمور ، الخالق لكل شيء ، المدبر لكل شيء ، القادر على كل شيء ، فلا ولي لخلقه سواه ، ولا شفيع إلا من بعد إذنه . 
( أفلا تتذكرون ) يعني : أيها العابدون غيره ، المتوكلون على من عداه - تعالى وتقدس وتنزه أن يكون له نظير أو شريك أو نديد ، أو وزير أو عديل ، لا إله إلا هو ولا رب سواه . 
وقد أورد  النسائي  هاهنا حديثا فقال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب  ، حدثني محمد بن الصباح  ، حدثنا أبو عبيدة الحداد  ، حدثنا الأخضر بن عجلان  ، عن أبي جريج المكي  ، عن عطاء ،  عن  أبي هريرة  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فقال :  " إن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش في اليوم السابع ، فخلق التربة يوم السبت ، والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين ، والمكروه يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم  يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر ، وخلقه من أديم الأرض ، بأحمرها وأسودها ، وطيبها وخبيثها ، من أجل ذلك جعل الله من بني آدم  الطيب والخبيث "  . 
هكذا أورد هذا الحديث إسنادا ومتنا ، وقد أخرج مسلم   والنسائي  أيضا من حديث الحجاج بن محمد الأعور  ، عن  ابن جريج  ، عن إسماعيل بن أمية  ، عن أيوب بن خالد  ، عن عبد الله بن رافع  ، عن  أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من هذا السياق . 
وقد علله  البخاري  في كتاب " التاريخ الكبير " فقال : " وقال بعضهم :  أبو هريرة  عن كعب الأحبار  وهو أصح " ، وكذا علله غير واحد من الحفاظ ، والله أعلم . 
وقوله : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه   ) أي : يتنزل أمره من أعلى السماوات إلى أقصى تخوم الأرض السابعة ، كما قال الله تعالى : ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما   ) [ الطلاق : 12 ] . 
وترفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا ، ومسافة ما بينها وبين الأرض [ مسيرة ] خمسمائة سنة ، وسمك السماء خمسمائة سنة . 
وقال مجاهد ،  وقتادة ،  والضحاك   : النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام ، وصعوده في مسيرة خمسمائة عام ، ولكنه يقطعها في طرفة عين; ولهذا قال تعالى : ( في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون   ) . 
 [ ص: 360 ]  ( ذلك عالم الغيب والشهادة   ) أي : المدبر لهذه الأمور الذي هو شهيد على أعمال عباده ، يرفع إليه جليلها وحقيرها ، وصغيرها وكبيرها - هو ) العزيز ) الذي قد عز كل شيء فقهره وغلبه ، ودانت له العباد والرقاب ، ( الرحيم ) بعباده المؤمنين . فهو عزيز في رحمته ، رحيم في عزته [ وهذا هو الكمال : العزة مع الرحمة ، والرحمة مع العزة ، فهو رحيم بلا ذل ] . 
				
						
						
