9 - (  204  ) : حدثنا  يعقوب بن إبراهيم الدورقي ،  قال : ثنا  ابن أبي عدي ،  عن  ابن عون ،   [ ص: 342 ] عن عمير بن إسحاق ،  أن  جعفرا - وهو ابن أبي طالب   - ، قال : " يا نبي الله ، ائذن لي أن آتي أرضا أعبد الله فيها لا أخاف أحدا ، قال : فأذن له ، فأتى أرض الحبشة " .   
قال : فحدثنا عمر بن العاص ،  أو قال : قال  عمرو بن العاص :   " لما رأيت جعفرا  وأصحابه آمنين بأرض الحبشة  حسدته ، قال : قلت : لأستقبلن هذا وأصحابه ، قال : فأتيت النجاشي ،  فقلت : إن بأرضك رجلا ابن عمه بأرضنا ، يزعم أنه ليس للناس إلا إله واحد ، (وإنك والله إن لم تقتله وأصحابه ، لا أقطع إليك هذه القطيعة أبدا أنا ولا أحد) أصحابي . 
قال : اذهب إليه فادعه ، قال : قلت : إنه لا يجيء معي ، (فأرسل معي رسولا) ، فأتيته وهو بين ظهري أصحابه يحدثهم ، قال : فقال له أجب ، قال : فجئنا إلى الباب ، فناديت : ائذن  لعمرو بن العاص ،  فرفع صوته : ائذن لحزب الله ، قال : فسمع صوته ، فأذن له قبلي ، قال : فوصف لي عمرو  السرير ، قال : وقعد جعفر  بين يدي السرير ، وأصحابه حوله على الوسائد ، قال : قال عمرو :  فجئت فلما رأيت مجلسه ، قعدت بينه وبين السرير ، فجعلته خلف ظهري ، قال : وأقعدت بين كل رجلين من أصحابه رجلا من أصحابي . 
 [ ص: 343 ] قال : قال النجاشي :   " نخر يا  عمرو بن العاص   (أي : تكلم ) ، قال : فقلت : ابن عم هذا بأرضنا ، (يزعم أن ليس للناس إله إلا إله واحد ، وإنك والله لئن لم تقتله وأصحابه لا أقطع) إليك هذا القطيعة أبدا ، أنا ولا أحد من أصحابي . 
قال : نخر يا حزب الله ، نخر ، قال : فحمد الله وأثنى عليه ، وشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله ، وقال : صدق ، هو ابن عمي ، وأنا على دينه ، قال عمرو :  فوالله إني أول ما سمعت التشهد قط إلا يومئذ ، قال بيده هكذا ، ووضع  ابن عدي  يده على جبينه ، وقال أوه أوه حتى قلت في نفسي : العن العبد الحبشي ألا يتكلم ، قال : ثم رفع يده ، فقال : يا جعفر ،  ما يقول في عيسى ؟  قال : يقول : هو روح الله وكلمته ، قال : فأخذ شيئا تافها من الأرض ، قال : ما أخطأ منه مثل هذه ، قم يا حزب الله ، فأنت آمن بأرضي ، من قاتلك قتلته ، ومن سبك غرمته . 
قال : وقال : لولا ملكي وقومي لاتبعتك فقم ، وقال لآذنه : انظر هذا ، فلا تحجبه عني إلا أن أكون مع أهلي ، فإن أبى إلا أن يدخل فأذن له ، وقم أنت يا  عمرو بن العاص ،  فوالله ما أبالي ألا تقطع إلي هذه القطعة أبدا ، أنت ولا أحد من أصحابك ، قال : فلم نعد أن خرجنا من عنده ، فلم يكن أحد ألقاه  [ ص: 344 ] خاليا أحب إلي من جعفر ،  قال : فلقيته ذات يوم في سكة ، فنظرت فلم أر خلفه فيها أحدا ، ولم أر خلفي أحدا ، قال : فأخذت بيده ، وقال : قلت : تعلم أني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله ، قال : غمز يدي ، وقال : هداك الله فاثبت ، قال : فأتيت أصحابي فوالله لكأنما شهدوني وإياه ، قال : فأخذوني ، فألقوا على وجهي قطيفة ، فجعلوا يغموني بها ، وجعلت أمارسهم ، قال : فأفلت عريانا ما علي قشرة ، قال : فأتيت على حبشية ، فأخذت قناعها من رأسها ، قال : وقالت لي بالحبشية : كذا وكذا ، (فقلت لها : لذا ولدى) . 
قال : فأتيت جعفرا  وهو بين ظهري أصحابه يحدثهم ، قال : قلت ما هو إلا أن فارقتك ، فعلوا بي ، وفعلوا ، وذهبوا بكل شيء من الدنيا هو لي ، وما هذا الذي ترى علي إلا من متاع حبشية ، قال : فقال : انطلق ، قال : فأتى الباب فنادى : ائذن لحزب الله ، قال : فخرج الآذن ، فقال : إنه مع أهله ، قال : استأذن لي ، فأذن له فدخل . 
قال : إن  عمرو بن العاص  قد ترك دينه ، واتبع ديني ، قال : قال : كلا ، قال : قلت بلى ، قال : قال : كلا ، قلت : بلى ، قال : كلا ، قلت : بلى ، قال : فقال لآذنه : اذهب ، فإن كان كما يقول : فلا يكتبن لك شيئا إلا أخذه ، قال : فكتب كل شيء حتى كتبت المنديل ، وحتى كتبت القدح ، قال : فلو أشاء أن آخذ من  [ ص: 345 ] أموالهم إلى مالي فعلت ، قال : ثم كتب في الذين جاؤوا في سفر المسلمين " . 
قال  أبو بكر :  لمعنى : قوله : " روح الله وكلمته " ، باب سيأتي في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله . 
وأما الأخبار التي فيها ذكر الشفاعة الأولى ، " فيأتون موسى  فيقولون : أنت الذي كلمك الله تكليما " . فأخرجتها في باب الشفاعات ، فأغنى ذلك عن تكراره في هذا الموضع . 
 [ ص: 346 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					