مطلب : لا تلتزم عادة واحدة بل كن مع الدهر حيث كان . 
ثم قال الناظم  رحمه الله تعالى ( ولا تتعود ) هذه لا الناهية وتتعود مجزوم بها وحرك بالكسر للقافية . أي لا تلتزم عادة واحدة بل كن مع الدهر حيث كان ، فإذا وسع الله عليك فلا بأس أن تظهر أثر نعمته عليك من غير كبر ولا عجب ولا خيلاء ، وإذا تقلص العيش فألزم نفسك الصبر والرضا بالقضاء وكن مطمئن القلب منشرح الصدر تكن من خير عباد الله . 
ولا بد في ذلك كله أن يكون اللبس لله فإن كان جميلا يكون إظهارا للنعمة ، وأن يرى عليه أثرها ، ولا يكون سبب لبسه أنه غار من غيره بأن رأى على غيره لباسا جميلا فغار منه ففعل مثله ، ولا يكون اللبس للشهرة  ، ولا شك أن ثوب الشهرة تارة يكون غاليا له قيمة كثيرة وتارة يكون نازلا قليل الثمن له منظر غير حسن وهما الشهرتان وقد نهينا عنهما ، ولا وجه للمنافسة في الدنيا إذا كنت على بصيرة من أنها لا تعدل جناح بعوضة . 
فائدتان : ( الأولى ) تقدم أن السلف  الصالح كانوا لا يردون موجودا ، ولا يتكلفون مفقودا ، بل كانت حالتهم التسليم للعليم الحكيم ، فإذا قدم إليهم الطيب لم يمتنعوا من تناوله ، وإذا حصل لهم الخشن لم يأنفوا من أكله  [ ص: 343 ] وكذا اللباس ، وكل شئونهم كانت منطبقة على هذا الشأن . 
وهذا المراد بقول الناظم  رحمه الله ولا تتعود لعادة يحصل لك إذا فقدتها بعض تألم أو ضرر ، فإن الطبيعة سراقة ، فمن ألف التنعم صعب عليه فراقه . فينبغي للعاقل أن يكون تارة هكذا وتارة هكذا ، وهذا شأن العبد مع سيده إن منحه شكر ، وإن منعه صبر . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					