[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
صلى الله على سيدنا محمد  وآله وسلم 
قال  أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الطحاوي الأزدي  رحمه الله : 
أما بعد فإن الله جل وعز بعث نبيه محمدا  صلى الله عليه وسلم خاتما لأنبيائه الذين كان بعثهم قبله - صلوات الله عليه وعليهم وسلامه ورحمته وبركاته - وأنزل عليه كتابا خاتما لكتبه التي كان أنزلها قبله ومهيمنا عليها ومصدقا لها ، وأمر فيه من آمن به بترك رفع أصواتهم فوق صوته ، وترك التقدم بين يدي أمره ، وأعلمهم أنه قد تولاه فيما ينطق به بقوله عز وجل : وما ينطق عن الهوى  إن هو إلا وحي يوحى   . 
وأمرهم بالأخذ بما آتاهم به والانتهاء عما نهاهم عنه بقوله عز وجل : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا  ، ونهاهم أن يكونوا معه كبعضهم مع بعض بقوله تعالى : ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض   . 
وحذرهم في فعلهم ذلك إن فعلوه حبوط أعمالهم وهم لا يشعرون ، وحذر مع ذلك من خالف أمره بقوله عز وجل : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم   . 
 [ ص: 6 ] قال  أبو جعفر   : وإني نظرت في الآثار المروية عنه صلى الله عليه وسلم بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذوو التثبت فيها والأمانة عليها ، وحسن الأداء لها ، فوجدت فيها أشياء مما يسقط معرفتها ، والعلم بما فيها عن أكثر الناس ، فمال قلبي إلى تأملها وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها ، ومن استخراج الأحكام التي فيها ، ومن نفي الإحالات عنها ، وأن أجعل ذلك أبوابا أذكر في كل باب منها ما يهب الله عز وجل لي من ذلك منها حتى آتي فيما قدرت عليه منها ، كذلك ملتمسا ثواب الله عز وجل عليه ، والله أسأله التوفيق لذلك والمعونة عليه ، فإنه جواد كريم ، وهو حسبي ونعم الوكيل . 
وابتدأته بما أمر صلى الله عليه وسلم بابتداء الحاجة به مما قد روي عنه بأسانيد أنا ذاكرها بعد ذلك إن شاء الله وهو : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا  عبده ورسوله ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون  ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا  ، و اتقوا الله وقولوا قولا سديدا  يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما    . 
وكانت الأسانيد التي رويت عنه صلى الله عليه وسلم ما قد ذكرنا من خطبة الحاجة بها : 
 1  - ما قد حدثنا  الحسين بن نصر بن المعارك البغدادي أبو علي  ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد  ، حدثنا  المسعودي  ، عن  أبي إسحاق  عن  [ ص: 7 ] أبي الأحوص  ، عن  ابن مسعود  قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة ، فذكر هذا الكلام بعينه . 
 2  - وما قد حدثنا  الحسين  أيضا ، حدثنا  شبابة بن سوار  ، أخبرنا  المسعودي  ، عن  أبي إسحاق  ، عن أبي الأحوص  ، عن  ابن مسعود  قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه . 
 3  - وما قد حدثنا  يزيد بن سنان بن يزيد البصري أبو خالد  ،  [ ص: 8 ] حدثنا  بشر بن عمر الزهراني  ،  ومحمد بن كثير العبدي  ، قالا : حدثنا  شعبة  ، عن  أبي إسحاق  ، عن  أبي عبيدة  ، عن  عبد الله  قال : كان النبي عليه السلام يعلمنا خطبة الحاجة  ، ثم ذكر هذا الكلام بعينه . 
وزاد  بشر  قال  شعبة   : وقد أخبرنا  أبو إسحاق  ، عن أبي الأحوص  ، عن  أبي عبيدة  ، عن  عبد الله  بهذا الحديث ، وأن هذا حديث أبي عبيدة   . 
قال  أبو جعفر   : فكان هذا الذي وجدناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى من حديث  ابن مسعود   . 
وقد روي عن  ابن عباس  مما يدخل في هذا المعنى أيضا : 
 4  - ما قد حدثنا  محمد بن علي بن داود  ، وفهد بن سليمان  ، قالا : حدثنا محمد بن الصلت الكوفي  ، حدثنا  يحيى بن زكريا  ، عن  داود بن أبي هند  ، عن عمرو بن سعيد  ، عن  سعيد بن جبير  ، عن  ابن عباس  قال : كلم رجل النبي عليه السلام في حاجة ؛ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، من يهده الله ، فلا مضل له ، ومن يضلل ، فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا  عبده ورسوله ، أما بعد   : 
وقد روي عن نبيط بن شريط  ما يدخل في هذا المعنى أيضا : 
 5  - ما حدثنا فهد  ، حدثنا  أبو غسان النهدي  ، حدثنا موسى بن محمد الأنصاري  ، حدثنا  أبو مالك الأشجعي   . 
 [ ص: 9 ] عن نبيط بن شريط  قال : كنت رديف أبي على عجز الراحلة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب عند جمرة العقبة  ، وهو يقول : الحمد لله ، نستعينه ، ونستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأني عبده ورسوله ، ثم قال : أوصيكم بتقوى الله   . 
ثم قال : فمما أنا ذاكره من الأبواب التي أنا مجري كتابي هذا على مثله إن شاء الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					