[ ص: 327 ]  [ ص: 328 ]  694 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، هل يقومان عنه من طريق الإسناد أم لا ؟ قال  أبو جعفر   : الذي وجدناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يتدافع صحته أهل الأسانيد 
 4472  - ما قد حدثنا ابن أبي مريم  ، حدثنا  الفريابي  ، حدثنا  نافع بن عمر الجمحي  ، عن  ابن أبي مليكة  ، عن  ابن عباس  رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اليمين على المدعى عليه   . 
 [ ص: 329 ] 
 4473  - وحدثنا  يونس  ، أخبرنا  ابن وهب  ، أخبرنا  ابن جريج  ، عن  ابن أبي مليكة  ، عن  ابن عباس  رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه   . 
فنظرنا في هذا الحديث ، فوجدنا  ابن أبي مليكة  لم يأخذه عن  ابن عباس  سماعا ، وإنما أخذه عنه بكتابه به إليه . 
 4474  - كما قد حدثنا نصر بن مرزوق  ، حدثنا خالد بن نزار  [ ص: 330 ] الأيلي  ، أخبرنا  نافع بن عمر  ، عن  ابن أبي مليكة  قال : كنت عاملا لابن الزبير  على الطائف  ، فكتبت إلى  ابن عباس   : إن امرأتين كانتا في بيت تخرزان حصيرا لهما ، فأصابت إحداهما يد صاحبتها بالإشفى ، فخرجت وهي تدمي ، وفي الحجرة حداث ، فقالت : أصابتني ، فأنكرت ذلك الأخرى ، فكتب إلي  ابن عباس   : إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعى عليه ، ولو أن الناس أعطوا بدعواهم لادعى أناس من الناس دماء ناس وأموالهم ، فادعها فاقرأ عليها هذه الآية : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا   [ آل عمران : 77 ] ، فقرأت عليها الآية ، فاعترفت   . قال نافع   : وحسبت أنه قال : فبلغ ذلك  ابن عباس  فسره . 
فوقفنا بذلك على أن هذا الحديث إنما حدث به  ابن أبي مليكة  عن كتاب  ابن عباس  به إليه ، لا عن سماعه إياه منه . 
ثم نظرنا ، هل روي ذلك عن  ابن عباس  بمعنى أقوى من معنى  [ ص: 331 ] المكاتبة . ؟ 
 4475  - فوجدنا  إبراهيم بن مرزوق  قد حدثنا قال : حدثنا  حبان بن هلال  ، حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن  عطاء بن السائب  ، عن أبي يحيى  ، عن  عبد الله بن عباس  أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الطالب البينة على ما ادعى عنده ، فلم يكن له بينة ، فاستحلف المطلوب بالله الذي لا إله إلا هو ، [ فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك قد فعلت ، ولكن الله قد غفر لك بقولك : لا إله إلا الله   . 
 [ ص: 332 ] فوقفنا بهذا الحديث على سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطالب البينة على ما ادعاه عنده ، وأنه لما لم يكن له بينة استحلف له المطلوب على ما استحلفه له عليه . فكان هذا عن  ابن عباس  أقوى من الحديث الأول ، وكان فيه ما يدل على أن ما في الحديث الأول مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه أيضا سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطالب البينة ، فدل ذلك على أن البينة مطلوبة من الطالب كاليمين مطلوبة من المطلوب ، وقد روي هذا المعنى أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير طريق  ابن عباس .  
 4476  - كما حدثنا فهد  وهارون بن كامل  قالا : حدثنا  علي بن معبد  ، حدثنا  عبيد الله بن عمرو  ، عن  زيد بن أبي أنيسة  ، عن  الأعمش  ، عن  شقيق بن سلمة  ، عن  عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مالا هو فيها فاجر ، لقي الله وهو عليه غضبان " ، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا   [ آل عمران : 77 ] الآية كلها ، فمر عليه  الأشعث بن قيس  ، فقال : بم يحدثكم  ابن مسعود  ؟ قالوا : حدثنا بكذا وكذا ، قال : صدق والله ، إن نزلت هذه الآية في وفي  [ ص: 333 ] صاحب لي كان بيني وبينه بئر في أرض ، فقال : هي لي ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاختصمنا إليه ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل لك من شهود ؟ " فقلت : لا ، فقال لصاحبي : " احلف " ، فحلف ، فعند ذلك نزلت هذه الآية   . 
 [ ص: 334 ] 
 4477  - وكما قد حدثنا محمد بن سنان الشيزري  ، حدثنا  هشام بن عمار  ، حدثنا صدقة بن خالد  ، حدثنا  المسعودي  ، عن  عاصم بن أبي النجود  ، عن  شقيق  ، عن  عبد الله  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من حلف على يمين ليقتطع بها مال مسلم لقي الله تعالى يوم يلقاه وهو عليه غضبان ، ثم قرأ عبد الله : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا  إلى آخر الآية ، فقال  الأشعث بن قيس   : نزلت هذه الآية في ، كان بيني وبين رجل مماراة على أرض ، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " بينتك " ، فقلت : ليس لي بينة ، قال : " فيحلف " ، قلت : إذا يذهب مالي ، فنزلت هذه الآية : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا    . 
 4478  - وكما حدثنا  بحر بن نصر  ، حدثنا  عبد الله بن وهب  ، حدثني  سليمان بن بلال  أن  يحيى بن سعيد  حدثه أن  أبا الزبير  أخبره ،  [ ص: 335 ] عن عدي بن عدي  ، عن أبيه  أنه قال : أتى رجلان يختصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض ، فقال أحدهما : هي لي ، وقال الآخر : هي لي ، حزتها وقبضتها ، فقال : " فيها اليمين للذي بيده الأرض " ، فلما تفوه ليحلف قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما إنه من حلف على مال امرئ مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان ، قال : فمن تركها ؟ قال : " كان له الجنة   . 
 4479  - وكما حدثنا فهد  ، حدثنا  أبو نعيم  ، حدثنا الحارث بن سليمان الكندي  ، حدثني كردوس الثعلبي  ، عن  أشعث بن قيس الكندي  أن رجلا من كندة ورجلا من حضر موت اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض باليمن  ، فقال الحضرمي : يا رسول الله ، أرضي ، اغتصبنيها أبو هذا ، فقال للكندي : " ما تقول ؟ " قال : أقول إنها أرضي وفي يدي ، ورثتها من أبي ، فقال للحضرمي : " هل لك بينة ؟ " قال : لا ، ولكن يحلف يا رسول الله بالله الذي لا إله إلا هو : ما يعلم أنها أرضي اغتصبها أبوه . قال : فتهيأ  [ ص: 336 ] الكندي لليمين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه لا يقطع رجل مالا بيمينه إلا لقي الله يوم يلقاه وهو أجذم ، فردها الكندي   . 
 4480  - وكما حدثنا  ابن أبي مريم  ، حدثنا  الفريابي  ، حدثنا الحارث بن سليمان  ، ثم ذكر هذا الحديث بإسناده . 
وقد كنا ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا حديث وائل بن حجر  في خصومة امرئ القيس بن عابس  مع ربيعة بن عيدان  إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله للطالب منهما : " بينتك " ، وقوله للطالب أيضا لما قال في يمينه : أيطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها له منه أن يذهب بها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " ليس لك إلا ذلك " . 
وفيما ذكرناه في هذا الباب قيام الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجوب البينة على المدعي ، وبوجوب اليمين على المدعى عليه ، والله عز وجل نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					