[ ص: 282 ]  839 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله في أهل بدر   - رضوان الله عليهم - : " إنهم أفضل الناس " ، ومن قوله : " خير أمتي قرني الذين بعثت فيهم " ، وأنه ليس واحد منهما مخالفا للآخر 
 5267  - حدثنا  إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي  ، قال : حدثنا علي بن قادم  ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن يحيى بن سعيد - يعني أبا حيان التيمي   - عن عباية بن رفاعة  ، عن  رافع بن خديج  ، قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل   - صلى الله عليه وسلم - أو قال ملك عظيم ، فقال : كيف أهل بدر  فيكم ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هم عندنا أفضل الناس ، فقال الملك : كذلك من شهد عندنا بدرا من الملائكة   . 
قال قائل : في هذا الحديث ما يجب به الفضل لأهل بدر  من  [ ص: 283 ] الملائكة على الناس جميعا ، وقد رويت فيما تقدم من كتابك هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم " ، ومن ذلك القرن من شهد بدرا ، ومنهم من لم يشهدها ، ففي هذا ما يجب أنهم جميعا قد دخلوا فيما في هذا الحديث ، من شهد منهم بدرا ، ومن لم يشهد ، وفي الحديث الأول : فضل أهل بدر  على من سواهم من أهل القرن الذين هم منهم ، وهذا تضاد شديد . 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه : أن لا تضاد في ذلك ; لأن القرن الذي بعث فيهم - صلى الله عليه وسلم - خير القرون جميعا ، وهم في أنفسهم متفاضلون بأسباب يتبين بها الفاضلون على المفضولين منهم ، كما الأنبياء - صلوات الله عليهم - أفضل الناس وهم متفاضلون في أنفسهم بالأسباب التي يفضل بها بعضهم بعضا ، كما قال الله - جل ثناؤه - في كتابه : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض   . 
فمثل ذلك القرن الذي بعث فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم خير القرون وأفضل القرون ، فهم مع ذلك متفاضلون في أنفسهم بمعانيهم التي يبين بها بعضهم من بعض ، ويفضل بها بعضهم على بعض ، فمثل ذلك أهل بدر  يتبينون من أهل القرن الذين هم منهم بالفضل عليهم ، ويتبينون هم وسائر أهل ذلك القرن الذين هم منهم عن سائر القرون من هذه الأمة بالخير والفضل ، فيعود أهل بدر  أفضل أهل الفضل الذين هم القرن الذين هم خير القرون بمعانيهم التي فيهم بما ليس  [ ص: 284 ] في سواهم من أهل القرن الذين هم منهم . 
فقد بان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء من هذه الآثار ، وأن لكل وجه منها معنى سوى معنى الوجه الآخر منها ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					