[ ص: 255 ]  514 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام الغصوب في الجاهلية التي اختصموا إليه فيها في الإسلام 
 3223  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ومحمد بن خزيمة  جميعا ، قالا : حدثنا  أبو الوليد الطيالسي  ، قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن  عبد الملك بن عمير  ، عن علقمة بن وائل  ، عن  وائل بن حجر  ، قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلان يختصمان في أرض ، فقال أحدهما : إن هذا يا رسول الله انتزى على أرضي في الجاهلية ، وهو امرؤ القيس بن عابس الكندي  ، وخصمه ربيعة بن عيدان  ، فقال له : بينتك بينتك ، قال : ليس لي بينة ، قال : يمينه ، قال : إذن يذهب بها ، قال : ليس لك إلا ذلك ، فلما قام ليحلف ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اقتطع أرضا ظالما لقي الله وهو عليه غضبان   . 
 [ ص: 256 ] 
 3224  - حدثنا روح بن الفرج  ، قال : حدثنا  يوسف بن عدي الكوفي  ، قال : حدثنا  أبو الأحوص  ، عن  سماك بن حرب  ، عن علقمة بن وائل  ، عن  أبيه  ، قال : جاء رجل من حضرموت  ورجل من كندة  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الحضرمي : يا رسول الله ، إن هذا غلبني على أرض كانت لي ، فقال الكندي : هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمي : ألك بينة ؟ قال : لا ، فقال  [ ص: 257 ] النبي صلى الله عليه وسلم : فأحلفه ، فقال : إنه ليس له يمين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس لك منه إلا ذلك ، فانطلق ليحلفه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنه إن حلف على مالك ظالما ليأكله لقي الله عز وجل وهو عنه معرض   . 
 3225  - حدثنا فهد بن سليمان  ، قال : حدثنا جندل بن والق  ، قال : حدثنا  أبو الأحوص  ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : فقال الحضرمي : يا رسول الله ، إن هذا غلبني على أرض كانت لأبي   . 
ففي هذا الحديث خصومة الرجلين المذكورين فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غصب ادعاه أحدهما على الآخر أنه كان منه إياه في الجاهلية ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المدعي ببينة إن كانت له على ما ادعاه عنده من ذلك ، وإعلامه إياه أن له يمين المدعى عليه إن طلبها . 
وفي ذلك ما قد دل على أنه لو أقام عنده بينة على ما ادعاه عنده لحكم له به على من ادعاه عليه عنده ، وفي ذلك ما قد دل على أن الغاصب لذلك لم يكن ملكه على الذي كان غصبه إياه في الجاهلية بغصبه إياه كان منه ، فمثل ذلك الحربي يغصب الحربي أرضا في دار  [ ص: 258 ] الحرب ، ثم يسلمان ، فيختصمان فيها إلى إمام المسلمين ، أنه ينظر بينهما في ذلك ، وحكم بينهما فيه كما يحكم في مثله لو كان بين مسلمين في دار الإسلام . 
وقد كان محمد بن الحسن يذهب إلى هذا القول أيضا ، إلا أنه كان يقول : إن كان ملكهم خوصم إليه في ذلك في دار ملكه ، فجعله لغاصبه بغصبه إياه ، ثم خوصم في ذلك إلى إمام المسلمين في دار الإسلام ، أمضى ذلك ، ولم يرده على المغصوب منه ، وإن كان لم يخاصم في ذلك إلى ملكهم ، ولا كان منه فيه إمضاؤه لغاصبه ، نظر فيما بين الغاصب له والمغصوب منه ، وحكم في ذلك كما يحكم في غصب أهل الإسلام بعضهم بعضا في دار الإسلام . 
وكان بعض من يذهب إلى قوله هذا يحتج له فيه بما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم منا في كتابنا هذا من قوله : كل ميراث قسم في الجاهلية ، فهو على قسمة الجاهلية ، وكل ميراث أدركه الإسلام ، فهو على قسمة الإسلام . 
قال : فكما كان الميراث إذا قسم في الجاهلية على غير حكم الإسلام أمضي ذلك ، ولم يرد إلى حكم الإسلام ، وإذا لم يقسم في الجاهلية حتى أدركه الإسلام ، قسم على حكم الإسلام ، كان مثل ذلك الغصب الذي ذكرنا إذا أجري فيه في الجاهلية معنى أمضي ذلك المعنى فيه ، ولم يرد إلى حكم الإسلام ، وإذا لم يمض فيه ذلك المعنى حتى أدركه الإسلام رد إلى حكم الإسلام فيه ، والله عز وجل نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					